تخلق الله الإنسان فأحسن خلقه وجعل لكل عضو من جسم الإنسان وظيفة خاصة به ولو تأملنا دقة الله في صنعه ولو تفكرنا قليلا في كيفية إحكام الله في خلقه لعجزنا عن أن نقبل إلا أن نسجد لله خاضعين شاكرين نعمائه وعطائه.. جهاز صغير يعمل بدقة متناهية وتناسق عجيب في الأداء.. الجهاز الدمعي.. شيء عجيب.. غدة دمعية في طرف العين الخارجي ثم فتحتان دقيقتان في نهاية كل جفن من ناحية الأنف يخرج من كل فتحة قناة رفيعة تلتقيان في الكيس الدمعي في أعلى الأنف.. ثم فتحة من الكيس الدمعي من أسفله تفتح على الأنف من الداخل.. خلق الله هذا الجهاز الدقيق العجيب ليؤدي وظيفته كما أراد الله له أن يعمل بدقة غريبة ، حيث تفرز الدموع من الغدة الدمعية ثم تسير فوق سطح المقلة وبالذات فوق القرنية في اتجاه واحد ناحية الفتحة الرفيعة الموجودة في الجفون ، لتصب في الكيس الدمعي ثم إلى الأنف عن طريق القناة الموصلة ما بين الكيس الدمعي والأنف.. نظام دقيق يؤدي عملا عظيما لتظل العين رطبة والقرنية الشفافة الصافية رطبة لتؤدي وظيفتها بشفافية وصفاء.. ولو نظرت بدقة إلى هذا الجهاز العجيب لعرفت حكمة الخالق في خلقه ، ولو حللت الدموع التي تفرز لوجدت العجب في تكوينها وفي أداء وظيفتها ، ثم إن هذا الجهاز الدمعي يعمل في تناغم عجيب بحيث إن كمية الدموع التي تفرز ثم تمر فوق سطح العين.. ثم الكمية نفسها تدخل في فتحات القنوات الدمعية في طريقها إلى الأنف مرورا بالكيس الدمعي.. وأي خلل وظيفي في الأداء في أي جزء من هذا الجهاز العجيب ينتج عنه أمراض كثيرة ـ سنأتي على ذكرها قريبا ـ ثم إن قدرة الخالق العظيم كما نظم الكون بحكمته فقد نظم جسم الإنسان بحكمته ، فجعل القيادة العليا في مخ الإنسان ، ولذلك فإن الجهاز الدمعي يخضع لهذه القيادة العليا ، التي تمده بالأوامر والتوجيهات من خلال الأعصاب والشرايين التي تصل إلى هذا الجهاز العجيب ، وبما أن أحاسيس الإنسان ومشاعره وعواطفه لا تدخل تحت هذه القيادة ، ولكن لها قيادة خاصة وأيضا في مخ الإنسان ، قيادة خاصة تتحكم في مشاعره وعواطفه ، ومن هنا تجد الدموع الغزيرة التي تحدث في الحزن أو الفرح أو البكاء أو الغضب أو الانفعال لأي من الأسباب التي تمس مشاعر الإنسان وعواطفه. بعد هذه المقدمة ننتقل إلى ما يحدث إن حدث خلل خلقي في أي جزء من هذا الجهاز أدى إلى خلل في أدائه الوظيفي ، أولها الشكوى من كثرة الدموع عند نسبة كبيرة من الأطفال حديثي الولادة ، ثم يصاحبها إفرازات صديدية أحيانا ، وهي ظاهرة منتشرة ، وأسبابها في معظم الأحيان إما ضيق في فتحات القنوات الدمعية التي تتلقى الدموع بعد انسيابها على قرنية العين من الغدة الدمعية ، وإما انسداد في هذه الفتحات وغالبا ما تكون هي الفتحة الموجودة في الجفن السفلي.. في هذه الحالة تتجمع الدموع في العين بكثرة ومع وجود الغبار المعلق في جو الغرفة تتكون الإفرازات السميكة التي في معظم الأحيان لا يوجد فيها بكتريا ولكن من الغبار فقط ، هذه الظاهرة أو هذا النوع من الخلل في الجهاز الدمعي في نسبة كبيرة منه يزول مع نمو الطفل حيث ينمو كل شيء فيه بما فيها الفتحات والقنوات الدمعية نفسها ، وتزول المشكلة ، ولكن أحيانا في بعض الحالات تظل المشكلة قائمة وهي كثرة الدموع والإفرازات السميكة حتى بعد مرحلة كاملة من النمو (حوالي السنة الأولى) في هذه الحالة تكون قد تكونت التصاقات داخل القنوات الدمعية وبدأت بحجز الدموع ومنعها من المرور الطبيعي إلى الأنف ، في هذه الحالة هناك إجراء عملي يتم وهو بسيط جدا وسنتكلم عنه في فقرة العلاج لما سنذكره ، وما ذكرناه يحدث للأطفال حديثي الولادة حتى عمر السنتين ، ثم نأتي إلى خلل آخر يصيب الجهاز الدمعي وهو تكرار انسداد القناة الدمعية عند الكبار من سن البلوغ حتى السن المتقدم (15-60) وهذا ينتج أيضا إما عن تخلف هذه المشكلة منذ الطفولة أو نتيجة التهابات متكررة في الجهاز الدمعي ينتج عنها انسداد في القناة الدمعية وتتجمع الدموع في العين ، وأيضا عند حدوث التهابات متكررة في الكيس الدمعي وهي أحيانا التهابات حادة يتم علاجها أو التهابات متكررة تتحول إلى التهاب مزمن وتليف في الكيس الدمعي ، كل ذلك يسبب كثرة الدموع في العين وعدم انسيابها في مجراها الطبيعي..
الاثنين، 5 فبراير 2018
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق